غالباً ما يكون لدى الأطفال الصغار أصدقاء تخيليين بهيئة بشر أحياناً ومرات أخرى بهيئة حيوانات مثل أرنب بحجمه الطبيعي كما في فيلم "هارفي" القديم لـ جيمي ستيوارت . ويكون الصديق التخيلي في بعض الأحيان زائراً في المناسبات فيأتي الطفل مرة كل بضعة أيام بينما يكون في أوقات أخرى مصاحباً للطفل باستمرار. فيما يلي نسرد تجربة واقعية إستثنائية عن الصديق التخيلي ( هل هو دائماً صديق تخيلي أم شيء آخر ؟ ) وذلك قبل أن نشرح تلك الظاهرة وأسبابها والنصائح التربوية المتعلقة بشأنها :
تجربة واقعية
تعيش ( لورندا .م )في منزل واسع بني خلال العصر الفيكتوري وكل غرفة فيه مليئ بسحر القديم وأسراره . أقامت الأسرة فيه قبل عدة سنوات مع زوجها (بن) وابنتهما (آنا)ذات الـ 6 سنوات ، يحب الزوجان أجواء البهجة لذلك غالباً ما يقيمان حفلات في المنزل يستضيفان فيها أفراداً من العائلة والأصدقاء وفي بعض الأحيان يبيت الزائر عندهم في المنزل ولهذا السبب قرر الزوجان الشابان الإنتقال من منزل صغير في مدينة لندن إلى منزل ريفي إنجليزي واسع وجدوه جميلاً وآمناً خلال الأسابيع القليلة الأولى التي مكثوا فيه ، أحبت (آنا ) استكشاف المنزل على نحو خاص وعندها بدأ الرعب.
"جيس"
لم يسبق لـ (آنا) أن ذهبت إلى أي نوع من المدارس بعد ، كما لم يتسنى للزوجين أيضاً فرصة للتعرف إلى الجيران لذلك لم يكن لـ ( آنا ) أي أصدقاء جدد فأقنعت نفسها بفضول إستكشاف منزلها الجديد، وفي أحد الأيام لم تتمكن لورندا من العثور على (آنا ) في أي مكان في المنزل. تقول (لورندا ) :" كنت قلقة عليها فربما خرجت بعيداً من المنزل ، فرأى (بن) أن يتفقدها بينما كان يتمشى مع لولو ، كلبتنا التي تتقفى الأثر ".
لكن لورندا كانت تظن أن ابنتها في المنزل لوحدها ، وفجأة سمعت صوتاً يصم الآذان صادراً من الطابق العلوي، كان مدوياً لدرجة أنه سبب إهتزاز الثريا فوق رأسها. تجمدت لورندا في مكانها وحدقت في السقف تتساءل عن ما يكون سبباً لتلك الضوضاء الرهيبة. كان قلبها يخفق بسرعة فتسللت مبدئياً حتى وصلت إلى سلم الدرج الحلزوني وواصلت البحث في كل غرفة من الطابق العلوي ثم وصلت إلى إحدى الغرف التي كانت تنوي هي و (بن ) تحويلها إلى حمام وكانت فيما مضى حضانة قديمة فدفعت الباب وأبرزت رأسها منه وتطلعت . تقول لورندا عن ذلك : "عندما لم أجد مصدر الضوضاء التفت حولي ، وقفزت من جلدي عندما رأيت (آنا ) هناك وهي تحدق في وجهي".
فسألت (آنا )أمها ببراءة لماذا كانت تتطلع وهي خائفة جداً. فأجابت (لورندا) عن سؤال ابنتها وهي تريد تجنب أي أمر يروع طفلة في سنها : " لا شيء يهم " وبهدف التخفيف من حدة التوتر في تلك اللحظة أخذت ابنتها إلى الطابق السفلي لتقدم لها شراباً وبعض البسكويت ولما دخلا المطبخ قالت (آنا) :" أمي .. أردت اللعب ببيت الدمية في الطابق العلوي ، لكن (جيس)قالت أنه لا يمكنني ذلك لأنه لأختها " . كانت (لورندا)تشعر بالضيق فنظرت في وجه (آنا) بحثاً عن أية علامات على هرجها ، ولكن (آنا ) كانت تركز في نظرها على تلفزيون صغير موضوع على البوفيه. لم يكن لدى (لورندا) أدنى فكرة عن هوية "جيس" كما تعلم أنه ليس لدى ابنتها بيت دمية، ومع ذلك قررت (لورندا) أنها أخذت ما يكفيها من الغرابة في يوم واحد ووصلت إلى استنتاج أن (آنا ) كانت فقط تتدرب على خيالها الواسع رغمأنها مثال البنت الخلوقة وليس من عادتها الكذب أو إختلاق الأمور .
الكلب رآها
وبعد وقت قصير رجع (بن) مع ( لولو ) فأعلنت (آنا)أنها كانت ذاهبة لتلعب في الطابق العلوي في غرفة نومها، أخبرت (لورندا) زوجها (بن) بما أخبرته (آنا) لها فقال لها: " آنا ما زالت طفلة صغيرة . لا بد أن جيس صديقتها التخيلية . تعلمين كيف هم الأطفال."
كانت (لورندا) أكثر من راغبة في قبول تفسير (بن) المنطقي لأن (آنا) كانت تقضي ساعات في غرفتها ، وأخيرا تجولت (لورندا) في الطابق العلوي لتخبر ابنتها بأن العشاء أصبح جاهزاً ولما صعدت الدرجات كان (لولو) يصعد معها ، وفي تلك اللحظة فتحت باب غرفة نومها فاندفع لولو إلى الداخل.
بدأت (آنا ) تصرخ: " لا ... لولو !، جيس تخاف من الكلاب! أمي .. ابعديها وأوقفيها عن إخافة جيس ! " ، كانت دموع (آنا) على خدها ، فقامت (لورندا) بجر (لولو ) من طوقه ونظرت في الغرفة ، كانت نصف خائفة مما قد تراه داخل الغرفة. لم يكن هناك شيء. ففكرت (لورندا) أنها تلك الصديقة التخيلية ولا بد أن تكون حية تماماً بالنسبة لـ (آنا).
انحنت (لورندا) إلى ارتفاع (آنا) وسألتها :"آنا .. من هي جيس ؟ " ، فشرحت (آنا) بكل هدوء : " هي صديقتي، وهي سمحت لي بأن ألعب مع بيت الدمية وأصبحت الآن صديقتي "، حدقت (لورندا) في ابنتها ثم هزت رأسها بنعومة راغبة بأن تقتنع بفكرة زوجها (بن) حول الصديق التخيلي ثم أخذت (لولو) و (آنا) إلى الطابق السفلي لتناول العشاء.
ليلة السبت
خلال الأيام القليلة التالية هرعت (آنا ) إلى المكان الذي كانت فيه أمها في المنزل فقط لتقول لها بأن جيس تسيء التصرف حيث شكت لها أنها تعبث في صندوق ألعابها ، تكرر هذا عدة مرات وأصبح حدثاً شائعاً وفي كل مرة كانت (لورندا) تجيب ابنتها بملاحظات مثل : "حسناً ، يا لها من فتاة مشاغبة ؟! ، لماذا لا تذهبي وتشاهدي التلفزيون ؟" ، وجاء الرعب الحقيقي في ليلة السبت.
كان (بن) قد ذهب الى الحانة مع عدد من الأصحاب ، وكانت (لورندا) في المطبخ تلاعب (لولو) و(آنا ) تغط بالنوم على الأريكة في غرفة الجلوس . وعندما دقت ساعة الحائط في منتصف الليلة تماماً أومضت أنوار البيت ثم انطفأت . فتخبطت (لورندا) في طريقها وهي تسير إلى الخزانة لعلها تجد المصباح. و رافقتها (لولو) إلى غرفة الجلوس حيث اعتزمت البقاء مع (آنا )وأضاءت بعض الشموع. فتحت الباب وكانت على وشك أن تسقط المصباح من يدها و صرخت من حلقها.
الرهبة والتهويدة
كان هناك في الغرفة فتاة صغيرة بعمر 13 أو 14 سنة بحسب تقدير (لورندا) وترتدي تشكيلة غريبة من الملابس. وكان إنطباع (لورندا) عنها أنها بدت خادمة من القرن 19 ترتدي ثوباً طويلاً ومئزراً أبيض مطرز . كانت الفتاة متكئة على الأرض وتمسد شعر (آنا) وتغني لها تهودية لطيفة من تلك الأيام وبصوت خافت لتنام (تهويدة: أغنية يهدف منها تهدئة الطفل لكي ينام).
صاحت لورندا : " ابتعدي عنها !" ، لكن لا يبدو أن الفتاة تسمعها واستمرت في أغنيتها ثم اندفعت (لولو) وبدأت بالنباح فقفزت الفتاة الغريبة على قدميها ونظرة من الرعب على وجهها و بدأت تعلو وتهبط في محاولة منها لإبعاد (لولو) .
ثم صرخت (لورندا) في وجهها : "من أنت ؟... وماذا تفعلين هنا ؟ " ومع ذلك بدا أن الفتاة لا تدرك حضور (لورندا) ماعدا حضور (آنا) و (لولو)، وفقط بدا أن تريد الإبتعاد عن الكلب، فاستولت الفتاة وهي مندفعة على مقبض الباب وفجأة تجمدت وانتفخت وبدأت تصرخ كأنها في نزاعها الأخير فيما بقيت (آنا) نائمة تماماً ، لكن (لولو) كانت تنبح قبالة رأسها عند مكان الفتاة.
ارتعشت الفتاة حول نفسها بغرابة وبدا كأنها تعرضت لهجوم، تستعيد (لورندا) ما حدث فتقول:" وقفت هناك مع المصباح بيدي ، انهارت الفتاة على الأرض .....ومن ثم اختفت مباشرة من أمام عيني تاركة خلفها بركة من الدم ".
بدأت (لورندا ) تصرخ وتصرخ ، ثم عادت الأنوار مرة أخرى. أفاقت (آنا)فجأة وهي تتثاءب ونظرت حولها وقالت :" إلى أين ذهبت جيس ؟ " ، قالت سؤالها ونعسانة. ثم هرعت (لورندا) إلى الهاتف وتوسلت لـ (بن)
أن يحضر فوراً للمنزل الذي وصل في ظرف 10 دقائق.
قصة الكاهن
في اليوم التالي طلبت (لورندا) من كاهن الحضور إلى المنزل وسألته عن معنى تلك الأحداث التي أخبرت بها (بن) والكاهن بشيء من التفصيل فسادت نظرة صدمة على وجه الكاهن وقال للزوجين أنه منذ أكثر من 100 سنة كانت عائلة ثرية تعيش في هذا المنزل الفيكتوري وكان لديهم خادمة باسم " جيسيكا هارولد "، ووفقاً لتاريخ المنزل كانت الفتاة قد تعرضت بوحشية لهجوم من قبل كلب العائلة فلاقت حتفها ، ثم عثرت العائلة على جيسيكا في اليوم التالي وهي ملقاة في بركة من دمائها. وقيل أن (جيس) الفتاة الخادمة كانت دائماً طيبة جداً مع أطفال العائلة الصغار وكانت تحبهم كثيراً.
وبعد أن قام الكاهن بمباركة المنزل لم تعد (لورندا)ترى (جيسيكا هارولد) كما لم تعد (آنا) تذكرها، والغريب في الأمر أن (آنا ) لم تعد تتذكر أي أمر عن (جيس) التي كانت صديقتها في اللعب ، ولدى سؤال (آنا)عن (جيس) تجدها مجرد محدقة وصامتة وعلى محياها علامات استفهام.
وتضيف (لورندا) أنها في بعض الأحيان وعندما تدق الساعة 12:00 : " أقسم أنني أسمع بجواري شخصاً يغني بصوت خافت " .
ظاهرة الصديق التخيلي
يعتبر الأصدقاء الوهميين أو التخيليين Imaginary Friend ظاهرة نفسية واجتماعية حيث تكون الصداقة أو العلاقة أخرى بين الأشخاص في الخيال وليس في الواقع المادي الخارجي. وهؤلاء الأصدقاء شخصيات خيالية خُلقت للعب أدوار إرتجالية وكثيراً ما تتطور فيها الشخصيات والسلوكيات وتبدو تلك الشخصيات حقيقية لكنها في نهاية المطاف غير واقعية لمبدعيها كما بينت الدراسات.
غالباً ما يجري إختلاق الأصدقاء التخيليين في مرحلة الطفولة ، وفي بعض الأحيان في سن المراهقة ونادراً في مرحلة البلوغ ولهذا هدف وظيفي تعليمي عندما يلعبها الطفل من حيث أنها تكشف (وفقاً للعديد من النظريات في علم النفس ) قلقاً ومخاوفاً وأهدافاً وتصورات لدى الطفل عن العالم نلاحظها من خلال محادثاته التي يجريها.،فإن الأصدقاء التخيليين يصعب تمييزهم مادياً عن الأناس الحقيقيين بحسب بعض الأطفال ، في حين يقول أطفال آخرون بأنهم يرونهم فقط في رؤوسهم.
ويمكن للأطفال التحدث إلى أصدقائهم التخيليين ويرسموا معهم أو حتى يقرأوا الكتب لهم ، و الكثير من الآباء خصص مكاناً لجلوس ذلك "الصديق" على مائدة العشاء . فهل أولئك الرفاق التخيليين مدعاة للقلق ؟ في معظم الحالات ، يكون الجواب " لا ".
أسباب لجوء الطفل إلى صديق تخيلي
يعتبر الأصدقاء التخيليون جزء طبيعي جداً من مرحلة النمو ، خصوصاً لدى صغار الأطفال ، وذلك يحقق عدة وظائف مهمة في تطور الأطفال:
ويمكن أن يكونوا صحبة رائعين للتظاهر باللعب ووسيلة مهمة لتحفيز الإبداع والخيال. ويمكن لذلك النوع من الأصدقاء غير المرئيين أن يجعل من رحلاتهم الطويلة الى القمر أو العودة في الزمن أقل وحشة. كما أنها سيكونون موضع ثقة للأطفال لبوح أسرارهم لهم إن لم يجدوا من يبيحون بها حولهم من الناس. حتى الأطفال الصغار تملك أموراً خاصة جداً أكثر من أن يقولوها لنا نحن الكبار ويمكن لهؤلاء الأصدقاء التخيليين أن يساعدوا الاطفال على معرفة الفرق بين الصواب والخطأ.
يكون لبعض الاطفال أحياناً وقتا صعب لوقف أنفسهم من القيام بأشياء يعرفون أنها خطأ فيلقون اللوم على صديقهم التخيلي كأن يتهموه بالتهام قطع الحلوى قبل العشاء وغالباً ما يكون ذلك علامة على أن الطفل بدأ التمييز بين الصحيح والخاطئ غير أنه غير مستعد تماماً لتحمل المسؤولية الكاملة عن أفعالهويمكن للأصدقاء التخيليين أن يمنحوا الأطفال بعضاً من الأفكار القيمة في المشاعر .
نصائح تربوية
في حين أنه من المقبول عموماً أن تتسلى مع طفلك وتسايره في مزاعمه حول وجود الصديق التخيلي هناك بعض الأمور الأساسية ينصح بمراعاتها :
- لا تدع ذلك "الصديق" أن يكون الرفيق الوحيد فقط لطفلك.
- الاطفال بحاجة إلى الإختلاط مع الآخرين الذين هم بأعمارهم وإذا لم يكن لطفلك أية أصدقاء أو ليس له اهتمام بصحبة الآخرين قم باستشارة أخصائي طب أطفال.
- لا تدع طفلك يلقي مسؤولية فعل كافة الأمور السيئة على "الصديق". فيمكن القبول مثلاً بالقول :" الصديق كان مسؤولاً عن الحادث الذي وقع ليلاً " في حين لا يمكن القبول مثلاً: " الصديق مسؤولاً عن سلسلة من عمليات السطو على البنوك".
- عامل "الصديق" باحترام وهذا يعني أن تذكره باسمه أمام طفلك وتحييه كذلك عندما تقابله وتعتذر عندما تجلس عليه بالخطأ .
- لا تستخدم "الصديق" للتعامل مع طفلك. هذا يعني عدم وجود تعليقات مثل : "سارة أنهت عشاءها فلماذا لم تنهيه أنت ؟"
يفقد معظم الاطفال أصدقائهم التخيليين بين عيد ميلادهم الثالث والخامس، في بعض الأحيان ينسونهم ، وأحياناً يرسلونهم في رحلات بعيدة ودائمة ، وأحياناً أخرى يلاقون "الموت" في حادث مأساوي.
الصديق التخيلي في الفن
تناول المسرح فكرة الصديق التخيلي في عام 1944 مع مسرحية "هارفي" من أعمال ماري تشايس وهو عن رجل ينام معه أرنب مجسم وغير مرئي. وفي عام 1980 ظهر فيلم من الرعب النفساني يحمل عنوان Shining أو البهي (المتألق) وهو عن رواية تملك نفس العنوان ، حيث يكون لـ داني صديق تخيلي يدعى توني يعطيه رؤى كما أن للشخصيات الأخرى في الفيلم أيضاً أصدقاء تخيليين يتجسدون بشكل أشباح. ولا ننس بالطبع فيلم الرعب Hide And Seek (الغماية ) من إنتاج عام 2005 وهو فيلم إثارة نفسية من بطولة الفتاة المتألقة داكوتا فانينغ و روبرت دونيرو وهو يتناول قصة فتاة صغيرة مع صديق تخيلي افترض مشاهدوه أنه قاتل مجنون.
الجمعة ديسمبر 24, 2021 5:04 pm من طرف مدرسة حامل المسك للطاقه
» خمس #اسرار#الثقة _بالنفس
الجمعة ديسمبر 24, 2021 4:54 pm من طرف مدرسة حامل المسك للطاقه
» #رقمك الشمسي
السبت يونيو 20, 2020 5:02 pm من طرف المعلم حامل المسك
» #اسماء الله الحسنى وفوائد
الجمعة يونيو 19, 2020 5:15 pm من طرف المعلم حامل المسك
» #علاج العين والحسد لكل برج
الإثنين يونيو 15, 2020 3:58 pm من طرف المعلم حامل المسك
» #الفراسة بواسطة الكتابة
الإثنين يونيو 15, 2020 3:47 pm من طرف المعلم حامل المسك
» #الفراسة
السبت يونيو 06, 2020 5:22 pm من طرف المعلم حامل المسك
» #رقمك وتاثيرة على حياتك
الجمعة يونيو 05, 2020 3:50 pm من طرف المعلم حامل المسك
» #لصورة مشحونة لموازنة شاكرة العواطف
الجمعة مايو 29, 2020 5:29 pm من طرف المعلم حامل المسك